Ticker

6/recent/ticker-posts

Header Ads Widget

بَدَلُ الْخُلُوِّ ( أَوْ حَقُّ الْخُلُوِّ )

 

بَدَلُ الْخُلُوِّ ( أَوْ حَقُّ الْخُلُوِّ )

--

HAK GANTI RUGI PENGOSONGAN TEMPAT & LAHAN

==


==

إعداد الطالب : فخر الرازي كرديفان

الطالب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

بمرحلة الدكتورة - كتبه في عام 1423 هـ

 

 

 

 

عناصر الموضوع:

        · المراد ببدل الخلو .

        · تكييف بدل الخلو في الفقه الإسلامي وصوره .

        · حكم أخذ بدل الخلو من المستأجر .

        · حكم أخذ بدل خلو الوقف من شخص آخر .

        · حكم أخذ المستأجر بدل الخلو من شخص آخر والعين المؤجرة ملك خاص .

        · حكم أخذ المستأجر بدل الخلو من المالك .

 

 *****

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

===***===

المراد ببدل الخلو

( الخلو ) في اللغة مصدر خلا . وللخلو عدة معان في اللغة ، منها : الفراغ ، والانفراد ، والمضي. يقال : خلا المكان أو الإناء خلوّاً وخلاء ؛ إذا فرغ مما به . ويقال : خلا بصاحبه خَلواً وخَلْوة وخلوّاً وخلا ؛ انفرد به في خلوة ، ويقال : خلا الشيء ، مضى وذهب ، ويقال : وفعلته لخمس خلوان من الشهر ؛ أي مضت وذهبت([1]).

 وأما في الاصطلاح فله عدة تعريفات ، منها :  

1-                عرفه الزراقاني بأنه : « اسم لما يملكه دافع الدراهم من المنفعة التي دفع في مقابلتها الدراهم »([2])

2-                وعرفه الدكتور وهبة الزحيلي « هو مبلغ من المال يدفعه الشخص نظير تنازل المنتفع بعقار ( أرض أو دار أو محل أو حانوت ) عن حقه في الانتفاع به »([3]) .

3-                وجاء في الموسوعة الفقهية أنه بمعنى « المنفعة التي يمتلكها المستأجر لعقار الوقف مقابل مال يدفعه إلى الناظر لتعمير الوقف إذا لم يوجد ما يعمر به ، على أن يكون له جزء من منفعة الوقف ، معلوم بالنسبة كنصف أو ثلث ، ويؤدي الأجرة لحظ المستحقين عن الجزء الباقي من المنفعة . وبدل الخلو هو المال الذي يدفعه في مقابل هذه المنفعة » ([4]).

ويلاحظ على هذه التعريفات : أن التعريف الأول أعم ، وانصَبَّ الكلام فيه على المنفعة ذاتها التي هي محل التخلية والإفراغ من قبل صاحبها لغيره ، بينما انصبَّ الكلام في التعريف الثاني والثالث على العوض الذي يدفع في مقابلة تلك المنفعة ، فهو بدل عنها يأخذه المالك مقابل التخلي عنها([5]).

قال الدكتور محمد الأشقر : " أما الذي جرى عليه الفقهاء والقانونيين ، فهو إطلاق لفظ : ( الخلو ) على المنفعة نفسها التي يملكها دافع النقود إلى المالك أو إلى المستأجر ليحصل على حق القرار في العقار ، واطلاق لفظ: ( بدل الخلو ) على المقابل النقدي لهذه المنفعة "([6]) .

===***===

تكييف بدل الخلو في الفقه الإسلامي وصوره

كما ذكره العلماء : أن محل بدل الخلو : إما أن يكون وقفا أو ملكا خاصا لشخص معين . وفي كلا الحالتين قد يكون آخذ بدل الخلو هو الناظر لذلك الوقف أو المالك للعين المملوكة ملكا خاصا . وقد يكون هو المستأجر ، سواء أخذه من الناظر ، أو من مالك تلك العين أو أخذه من غيرهما .

وحصيلة ذلك أن صور بدل الخلو بالنظر إلى محله والمتصرف فيه لا تعدو أربع صور ،  ويمكن تصنيفها وتكييفها على ما يلي ([7]) :

الصورة الأولى : كون آخذ بدل الخلو صاحبَ الوقف نفسه ، أو ناظره ، أو مالك العين المستأجَرة نفسه من المستأجر نفسه .

وتكييف تلك الصورة يمكن أن يكون على أساس تجزئة الأجرة ، وتقسيمها إلى قسم معجَّل ، وقسم مؤجَّل ، سواء كان مقسطاً على أشهر ، أو لا .

الصورة الثانية : كون آخذ بدل الخلو هو المستأجر من شخص آخر ، والعين المؤجرة وقف . وهذه الصورة نتيجة حتمية للصورة الأولى ؛ إذ يثبت الخلو للمستأجر في الوقف الذي استأجره مدة معينة ، وهو المسمى حكراً .

الصورة الثالثة : كون آخذ بدل الخلو هو المستأجر من شخص آخر ، والعين المؤجرة ملك خاص لشخص ثالث في مدة الإجارة.

هاتان الصورتان - الثانية والثالثة – هما في الحقيقة تمثلان بدل الخلو قديماً وحديثاً. ويمكن تكييفهما انطلاقاً من القواعد الشرعية العامة كنظرية الملك وما يترتب عليه . وبعبارة أخرى : ما الذي يملكه المستأجر في العين المؤجرة ؟ هل هو منفعتها أو الانتفاع بها ؟

والفرق بينهما أن من ملك الانتفاع ينتفع بنفسه ولا يؤجر ، ولا يهب ولا يعير ؛ ومن ملك المنفعة له حق الانتفاع بنفسه ، ويجوز له التأجير والهبة والإعارة([8]).

الصورة الرابعة : كون آخذ بدل الخلو هو المستأجر من المالك .

مثال ذلك : أن يطلب المالك من مستأجر العقار تخليته ، ومن ثم إنهاء عقد الإيجار المبرم بينهما ، فيمانع المستأجر بحجة أن العقد ملزم حتى تنتهي المدة التي بينهما ، إلا إذا أردت أن تدفع مبلغاً من المال قدره كذا حتى أخلي لك المكان .

وتكييف هذا الوضع هو أن المالك يطلب الإقالة من هذا العقد ، ومن ثم ردُّ ملكه له حتى يتصرف فيه . والإقالة قد اختلف العلماء في حقيقتها ، هل هي فسخ أو بيع جديد ؟ وبناء على الترجيح يتبين حكم تلك الصورة([9]).

 ===***===

حكم أخذ بدل الخلو من المستأجر

كما تقدم في تكييف بدل الخلو : أنه إذا كان آخذه هو صاحب الوقف أو ناظر الوقف أو المالك فإنه يمكن تكييفه على أساس أنه جزء معجل من الأجرة ، فيكون باقي الأجرة ما يتفق عليه فيما بعد .

فما حكم الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على تعجيل جزء من الأجرة وتقسيط الباقي ؟

اتفق المذاهب الأربعة على جواز الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على تعجيل جزء من الأجرة ، وتأجيل الباقي ، سواء دفع بعد انتهاء الأجل دفعة واحدة ، أو دفع منجما على أقساط شهرية ، أو سنوية ، وذلك في الجملة .

وانطلاقا من هذا الاتفاق يجوز للمالك أو ناظر الوقف أخذ بدل الخلو من المستأجر نفسه ؛ لأنه عبارة عن جزء من الأجرة مقدم ، سواء سمّى أجرة أو بدل الخلو ، وذلك إذا تراضيا عليه كسائر العقود ؛ لأن العبرة في العقود بالمعنى لا باللفظ ، وتلك قاعدة شرعية معروفة ، وإن كان فيها خلاف بين أهل العلم([10]).

وعلى هذا ، فإذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية ( وهو ما يسمى في بعض البلاد خلواً ) ، فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها ، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة ([11]).

 ===****====

حكم أخذ المستأجر بدل خلو الوقف من شخص آخر([12]).

صورة المسألة :

1-                أن يتفق ناظر الوقف ومستأجره بحيث يقوم المستأجر بعمارة الوقف إذا كان آيلا للخراب ، ويكون له في مقابل ذلك جزء من الأجرة ، وحينئذ تكون منفعة الوقف الوقف مشتركة بين المستأجر وبين مصرف الوقف .

2-                أن يكون لمسجد حوانيت موقوفة عليه ، واحتاج المسجد للتكميل أو العمارة ، ولا يكون الريع كافيا للتكميل أو العمارة ، فيعمد الناظر إلى مكتري الحوانيت فيأخذ منه قدرا من المال يعمر به المسجد وينقص عنه من أجرة تلك الحوانيت مقابل ذلك المال المأخوذ منه مقدما ، كأن تكون الأجرة ثلاثين ألفا كل سنة فيجعلها خمسة عشر ألفا فقط في كل سنة .

ومن هنا تكون منفعة الحوانيت المذكورة مشتركة بين المستأجر وبين مصرفها ، وهو المسجد المذكور ، ويكون نصيب المستأجر من الأجرة خلوا له فيها ، وغير ذلك من الأمثلة والصور .

حكم المسألة :

اختلف العلماء في جواز أخذ بدل الخلو في العقارات الموقوفة على قولين :

القول الأول  : يجوز ذلك بشروط. وبه قال بعض الحنفية كابن نجيم ، وجماهير المفتين من متأخري المالكية كالشيخ ناصر الدين اللقاني ، وأخوه شمس الدين اللقاني ، ومحمد عليش ، ومن الشافعية البجيرمي ، ومن الحنابلة منصور البهوتي تخريجاً على مسألة جواز بيع الوقف عندما تتعطل منافعه([13]).

القول الثاني   : لا يجوز . وبه قال من الحنفية الحسن بن عمار الشُرُنَبلالي([14]).

من أبرز أدلة القول الأول :

1- العرف والعادة . فقد تعارف الناس على جواز التصرف في الخلو ، وأنه حق ثابت لصاحبه ، فيجوز بناء على قاعدة « العادة محكمة » لدخوله تحتها.

2- أن القول بالخلو في الوقف من باب الضرورة ، قياساً على بيع الوفاء([15]) وعليه إذا انتفت الضرورة فلا يجوز التصرف في الوقف على وجه الخلو.

3- أن التصرف في الأوقاف على وجه الخلو ليس فيه مخالفة للكتاب ولا للسنة المطهرة ولا للإجماع ، خصوصاً فيما للناس إليه ضرورة ، لا سيما في المدن المشهورة والمعاقل الكبيرة .

من أبرز أدلة القول الثاني :

1- أن أخذ الخلو مؤدٍّ إلى الرشوة، ولا أدلّ على ذلك مما وقع لبعض أوقاف المسلمين التي آلت إلى النصارى عن طريق دفع الرشوة والتحايل ، وهذا أمر تأباه الشريعة الإسلامية ، فينبغي سد بابه إذ هو ذريعة لما ذكر .

2- أن أخذ بدل الخلو قد يؤدي إلى السلف الذي يجر إلى نفع مشروط ، كما لو كان مكان التصرف وقفاً من الأوقاف ، فإذا دفع المستأجر للناظر دراهم معجلة فكأنه أسلف إلى الواقف ، فجعل له الواقف السكنى في مقابلة ذلك ، وهذا سلف جر نفعاً . وقد أجمع العلماء على أن كل سلف جر نفعاً مشروطاً فهو ربا .

3- أن أخذ بدل الخلو يؤدي إلى تصرف فيه غرر وجهالة ؛ لأن المنفعة التي يأخذها دافع الدراهم غير محددة ؛ لأنه يتصرف فيه إلى الممات إذا كان محل التصرف وقفاً ، والغرر والجهالة محرمان وما أدى إلى محرم فهو محرم([16]).

الراجح : - والله أعلم - هو القول بجواز أخذ بدل خلو العقارات الموقوفة ، وذلك للأمور الآتية :

1- أن في جواز بدل الخلو مصلحة ظاهرة في إعمار الوقف ، ومن ثم تحقق منفعته حتى تصرف في مصارفه المنصوص عليها في وثيقته .

2- عدم وجود ما يمنع شرعاً من جواز الخلو في الوقف، ومن ثم فهو باق على أصل الحل والإباحة والبراءة الأصلية.

وذلك بشروط ؛ وهي :

1- أن يصرف المبلغ الذي يدفعه المستأجر على جهة الوقف، ليصرف في مصالح الوقف .

2- أن لا يكون للوقف ريع يعمر منه، فإن كان له ريع كاف لعمارته فلا يصح فيه خلو .

3- ثبوت الصرف في منافع الوقف بالوجه الشرعي .

4- كون أجرة الوقف لا تقل عن أجرة المثل ([17]) .

===****===

حكم أخذ المستأجر بدل الخلو من شخص آخر، والعين المؤجرة ملك خاص.

صورة المسألة : أن يستأجر رجل مكاناً تجارياً كدكان مثلا أو مستودع مدة معلومة ، وينفق على استصلاحه من ماله الخاص حتى يتمكن من الانتفاع به، ثم يريد أن يتنازل عنه لشخص آخر يحله محله ، وذلك باقي مدته ، ويأخذ مقابل ذلك عوضاً عن باقي مدته إن بقيت له مدة، وعما تركه في ذلك المحل التجاري أو نحوه من أثاث وأمتعة وآلات ونحو ذلك . فما يأخذه هو ما يطلق عليه الخلو أو بدل الخلو.

هذه الحالة هي أكثر الحالات شيوعاً ، وهي التي ينصبّ عليها بدل الخلو في المقام الأول ، وهي لا تخلو من أحد حالين :

            الحالة الأولى :  أن تكون مدة الإجارة قد انتهت ؛ وحينئذ لا يحق للمستأجر التصرف في تلك العين إلا بإذن مالكها الأصلي؛ وذلك لما يأتي :

‌أ-        لأن المستأجر بانتهاء مدة الإجارة لا يملك شيئاً من العين المؤجرة ، فإذا تصرف فيها كان تصرفاً في ملك غيره بغير إذنه ، وهذا ممنوع شرعاً ؛ لأنه نوع حجر على المالك الأصلي مع كونه حراً مكلفاً .

‌ب-       أن في ذلك إتلافاً لماله بغير حق([18]).

            الحالة الثانية : أن تكون مدة الإجارة باقية. فهل يحق للمستأجر التصرف فيما بقي من المدة مع ما وضعه في ذلك المكان ؟

فيه تفصيل : مفاده أن المالك إذا رضي فلا مانع من أخذ المستأجر بدل الخلو([19]). أما إذا لم يرض فقد اختلف العلماء في ذلك المأخوذ .

وهذا الخلاف مبني على الخلاف في مسألة : مدى انتفاع المستأجر بعين المؤجرة، وهل يجوز له أن يؤجرها لغيره ؟ فيها قولان للعلماء :

الأول : يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة إذا قبضها. وهذا مذهب جمهور العلماء؛ قال به الحنفية والمالكية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة([20]). وذلك لأن الإجارة بيع منافع ، والمستأجر يملك منفعة ما يستأجره ، ومن ثم فله التصرف فيها بالبيع أو التنازل لآخر مدة إجارته قياساً على البيع([21]).

الثاني     : لا يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة . وهو رواية عند الحنابلة([22]). وذلك لما يلي :

1-      أنه عقد على ما لم يدخل في ضمانه فلم يجز ، قياساً على بيع المكيل والموزون قبل قبضه([23]).

وأجيب عنه: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن قبض العين المؤجرة قام مقام قبض المنافع، بدليل جواز التصرف فيها ، فجاز العقد عليها كبيع الثمرة على الشجرة([24]).

2-      أن النبي ﷺ نهى عن ربح ما لم يضمن، والمنافع لم تدخل في ضمانه([25]).

الراجح :  ـ والله أعلم ـ هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول . وعلى هذا ، فيجوز أخذ بدل الخلو والتصرف فيه في العقارات المملوكة ملكاً خاصاً ، وذلك لمن استأجره مدة معلومة قبل انتهاء مدته . وقد أجازه مجلس مجمع الفقه الإسلامي بشرط مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول ، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية ([26]).

 ===***===

حكم أخذ المستأجر بدل الخلو من المالك

تنقسم هذه الصورة بالنظر إلى مدة الإجارة إلى قسمين :

القسم الأول : أخذ المستأجر بدل الخلو من المالك بعد انتهاء مدة الإجارة .

إذا انقضت مدة الإجارة ، ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له ، فلا يحل بدل الخلو . وهذا ما قرره مجلس مجمع الفقه الإسلامي . وعلل عدم الجواز بأنه من أكل أموال الناس بالباطل ؛ وبأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر([27]) .

القسم الثاني  : أخذ المستأجر بدل الخلو من المالك أثناء مدة الإجارة .

صورة المسألة : أن يؤجر شخص داره أو حانوته على شخص آخر ، ثم يطمع في إخراجه منه قبل تمام المدة عليها بينهما ، فيطلب منه تخليته والخروج منه ، فيأبى المستأجر الخروج ، وإخلاء ذلك المكان المستأجر إلا إذا دفع له المالك مبلغا من المال قدره كذا ، فيتفقان على ذلك .

وقد سبق تكييف هذه الصورة على أنها من باب الإقالة ، ولبيان حكم هذه الصورة لا بد من بيان حقيقة الإقالة هل هي فسخ أو بيع جديد؟ وبناء على الترجيح يتبين حكمها([28]).

لقد اختلف العلماء في الإقالة هل هي بيع أو فسخ ذلك على أقوال ، وأبرزها ما يأتي :

أحدها   : الإقالة فسخ مطلقاً. وهو قول للشافعية ، والمذهب عند الحنابلة ، وبه قال زفر من الحنفية([29]).

والثاني   : الإقالة بيع مطلقاً. وهو مذهب المالكية ، وقول للشافعية ، ورواية عند الحنابلة([30]).

الثالث   : التفصيل فيها . واختلف القائلون به على أقوال هي :

1- إن الإقالة فسخ في حق العاقدين ، وبيع جديد في حق الثالث . وهذا هو قول الإمام أبي حنيفة.

2- إن الإقالة فسخ إلا إذا كان لا يمكن أن تجعل فسخاً ، فحينئذ تجعل بيعاً جديداً للضرورة . وهذا قول محمد بن الحسن.

3- إن الإقالة بيع جديد ما أمكن ، وعند عدم الإمكان تجعل فسخاً. وبه قال أبو يوسف([31]).

ثمرة الخلاف:

            تظهر ثمرة الخلاف فيما إذا أقال المشتري البائع ، أو أقال المستأجر المؤجر ، وطلب مبلغاً مقابل تلك الإقالة، ومنه ما نحن بصدد الحديث عنه.

            فعلى القول الأول بأنها فسخ ، لا يجوز أخذ الزيادة على الثمن أو الأجرة ، ومن ثم لا يصح أخذ بدل الخلو من المالك ، فإما أن يقيله بمثل الثمن أو الأجرة وإما لا تصح الإقالة ويمضيان في البيع أو في الإجارة .

            وأما على القول الثاني بأن الإقالة بيع جديد ، فلا مانع من أخذ الزيادة من البائع أو المؤجر . وعلى هذا القول يجوز أخذ بدل الخلو من المالك ما دام العقد قائماً ؛ لأن الإجارة بيع كما هو معروف في بابها ، وقد ملكها المستأجر ، فله المعارضة عليها ما دامت المدة باقية .

            وعلى القول الثالث : بأن فيها تفصيل يُتَّبع التفصيل ، وهو لا يعدو أحد هذين القولين إلا بشيء من القيود([32]).

الراجح : والذي يظهر لي – والله أعلم – أنه يجوز أخذ بدل الخلو من المالك إذا كان في زمن المدة المتفق عليها وبرضى الطرفين ، وهذا ما قرره مجلس مجمع الفقه الإسلامي بجدة([33]) .

نص قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي :

" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408هـ، الموافق 6-11 فبراير 1988م .

بعد اطلاعه على الأبحاث الفقهية الواردة إلى المجمع بخصوص ( بدل الخلو ) وبناء عليه.

قرر ما يلي:

 أولا: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:

1- أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.

2- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.

3-  أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد، في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.

4- أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول قبل انتهاء المدة، أو بعد انتهائها.

ثانيا: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية (وهو ما يسمى في بعض البلاد خلواً)، فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.

ثالثا: إذا تم الاتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة الإجارة على أن يدفع المالك إلى المستأجر مبلغاً مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية المدة، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعا؛ لأنه تعويض عن تنازل المستأجر برضاه عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك.

أما إذا انقضت مدة الإجارة، ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو؛ لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.

رابعا: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية.

على أنه في الإجارات الطويلة المدة خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك.

أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو؛ لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين "([34]).



([1]) انظر : الصحاح 6/2330 ، المعجم الوسيط 1/254 .

([2])  شرح الزرقاني 6/127 .

([3]) انظر : بدل الخلو ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2173.

([4]) انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية 19/276.

([5])  انظر : الموسوعة الفقهية الكويتية 19/276 ، بدل الخلو لوهبة الزحيلي ضمن مجلة المجمع عدد (4) 3/2173.

([6]) انظر : بدل الخلو للدكتور محمد سليمان الأشقر ، ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2181.

([7]) انظر : بدل الخلو في الفقه الإسلامي للدكتور الهليل ص/25-28 ، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2181 ، 2174-2177 ، 2329 ، الموسوعة الفقهية 19/280-281 .

([8]) انظر : العدوي على الخرشي 7/79، ومطالب أولي النهى 4/370.

([9]) انظر : مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، كلام الشيخ وهبة الزحيلي في مناقشة بدل الخلو عدد (4)  3/2284-2287 ، وبدل الخلو للهليل ص/ 25-28.

([10])  انظر : بدل الخلو د/ محمد الأشقر في محلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2181-2183، وبدل الخلو للدكتور صالح الهليل ص30.

([11]) انظر : محلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2329-2330، وبدل الخلو للدكتور صالح الهليل ص30-31.

([12])  انظر : بدل الخلو د/هليل ص/33 ، الموسوعة الفقهية 19/280 ، بحوث في قضايا فقهية معاصرة ص/111-114 .

([13]) انظر : الأشباه والنظائر لابن نجيم ص/114 ، الشرح الكبير للدرديري 2/467 ، وبدل الخلو للهليل ص/35-36.

([14]) انظر : بدل الخلو للهليل ص/40 .

([15]) صورة بيع الوفاء : أن يبيع شخص عينا لشخص آخر بألف مثلاً على أنه متى ما رد عليه الألف رد عليه تلك العين . انظر : بدل الخلو للهليل ص/39 .

([16]) راجع هذه المسألة بأقوالها وأدلة كل قول ومناقشتها في: بدل الخل و للهليل ص/37-43، والموسوعة الفقهية الكويتية 19/282-284.

([17]) انظر : بدل الخلو للهليل ص/ 33-44.

([18]) انظر : المصدر السابق ص/47 .

([19]) انظر : مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2330 .

([20]) انظر : بدائع الصنائع 4/206 ، والكافي لابن عبد البر 2/748 ، ومغني المحتاج 2/324 ، والمغني لابن قدامة 8/54 .

([21]) انظر : المغني لابن قدامة 8/54 ، وبدل الخلو للهليل ص/48 .

([22]) انظر : المغني لابن قدامة 8/54 .

([23]) انظر : المغني لابن قدامة 8/54 .

([24]) انظر : المغني لابن قدامة 8/54 .

([25]) المصدر السابق .

([26]) انظر : مجلة مجمع الفقه الإسلامي ع 4 جـ 3 ص /2330 ، وبدل الخلو للهليل ص/46-49.

([27]) انظر : مجلة مجمع الفقه الإسلامي ع 4 جـ 3 ص /2330 ، وبدل الخلو للهليل ص /47 .

([28]) انظر : مجلة مجمع الفقه الإسلامي ، كلام الشيخ وهبة الزحيلي في مناقشة بدل الخلو ع 4 جـ 3 ص/2284-2287 ، وبدل الخلو للهليل ص/ 25-28.

([29]) انظر : بدائع الصنائع 5/206 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ص/190 ، والمغني لابن قدامة 6/199 ،

([30]) انظر : الكافي 2/732 ، والأشبهاه والنظائر للسيوطي ص/190 ، والمغني لابن قدامة 6/199 .

([31]) انظر : بدائع الصنائع 5/306 .

([32]) انظر : بدل الخلو للهليل ص/57-58 .

([33]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي ع 4 جـ 3 ص /2330، وبدل الخلو للهليل ص/57-58.

([34]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد (4) 3/2329-2330 .

Posting Komentar

0 Komentar